بزاوية الكافية .. كانت عيون سامي تراقبهم من بعيد ويراقب الكادي .. ضحكها .. ابتسامتها .. اندماجها بالسوالف .. كل شي فيها حلو وجذاب تشبه زوجته ... ضحك سامي على نفسه وهو يضغط على عكازته .. ويطالع رجله التلفانه .. صح ان عمره 30 سنه والسنين تمشي فيه .. بس يحس انه اكبر شايب عمره 60 سنه فاقد كل ملذات الحياة .. لا سعاده لا استقرار .. تم يتذكر حياته قبل .. شلون كان عايش بسعاده مع الانسانه اللي قلبه اختارها .. عاشوا قصة حب كبيرة .. توجوا هالحب بالزواج وثمرتهم كانت (( ريماس )) .. خانته الدمعه وسالت لما تذكر زوجته وحبيبته (( جنى )) وبنته (( ريماس )) .. مسحها بسرعه مايبي احد ينتبه .. نفض راسه عشان مايتذكر المأساة اللي صارت له .. ورجع شاف طاولة الكادي ولكن كانت فاضيه .. أكيد طلعوا وما انتبه لهم .. حس بضيقه مايدري منين جت هالضيقه .. رجع شرب قهوته بهدوء ..
***
وصلوا للبيت ... على طول أوراد بدلت ملابسها وألبست لها بجامه عشان تاخذ راحتها لما تسوي لهم عشا
.. أما الكادي لبست فستان قطني لغاية الركبه وارفعت شعرها .. وساعدت ياسمين على ترتيب ملابسها ولبستها بجامه عشان تتعشى وتنام على طول .. أما الجوري .. أضطرت انها تنام عشان الصبح بتجهز اختراعها وتعرضه لأن عندهم بالمدرسه يوم مفتوح للمخترعات اللي تخص الطلبه .. عشوا ياسمين الصغيره ونامت .. ظلت الكادي وأوراد قاعدين ياكلون بهدوء قبال التلفزيون .. أوراد تطالع الكادي اللي كانت سرحانه شوي : كدوي وين وصلتي ؟
الكادي بنعومه : لا ماكو .
أوراد تشرب العصير : كدوي انا باجر بوقف قيدي كورس كامل .
الكادي : اتصدقين حتى انا افكر بهالشي هذا .
أوراد : لا حبيبتي انتي توج كملي على الاقل هالكورس وبعدين وقفي قيدج انتي شاطره مو نفسي
الكادي : أذا وضع امي صعب اعتقد ماراح اكمل الجامعه .
اوراد مسكت ايدها : ديري بالج تفكرين بهالشي هذا .. نسيتي شلون تعبتي لما جبتي نسبه ودشيتي الجامعه عشان تخصصج اللي تبينه .
الكادي وصوتها مبحوح : أوراد والله مو بيدي مالي خلق دراسه وانا اشوف ماما تموت جدامي وانا ماقدر اسوي لها شي .
أوراد لمت اختها : إن شاء الله ماما بتطيب وبتتعالج وتصير أحسن .. الكادي حبيبتي انتي بتزعلين ماما .. كانت دايم تقول لنا لاتفكرون تتركون دراستكم لانها اهي مستقبلكم .
عرفت ان كلام اوراد صحيح لان امهم دايم تحثهم على العلم لان الشهاده بهالزمن اهي سلاح المرأه .. ومحد بينفعها غير شهادتها .
تموا فتره ساكتين ..
أوراد خزت الكادي .. الكادي طالعتها : اشفييييييج لاتطالعيني جذي .
ابتسمت أوراد : قولي لي شسويتي مع هالنزغه ياسمين .
ابتسمت الكادي وتذكرت سامي : سكتي مادريتي شصار والله فشلتني عفريتة البيت .
اوراد وهي تاكل التوست بدفاشه : يلا قولي .
طبعا الكادي قالت لأوراد عن اللي صار لها .. أوراد اضحكت : امبيييييييييييييييييه مصخرتج ... بس تعالي أهو حلو ؟
الكادي تربعت بقعدتها : ايه حلو ويهبل بس احسه كبير بالسن .. تخيلي كل شي لابسه ماركه .. شكله ولد فلوووووووووس ومستثمر بفرنسا .
أوراد : لا حبيبتي اللي يبي يستثمرون بلندن ولا امريكا .. فرنسا كلش مو حق استثمار .
الكادي حركت كتفها بمعنى مادري : والله مادري .. بس اتصدقين .. لاحظت معاه عكازه مايمشي عدل.
أوراد بلا مبالاة : اييييي شايب وعايب .
الكادي : نون أوراد شكله مو ذاك الزود بالكبر .. مو شايب مثل ماتقولين .
أوراد احذفتها بالقفشه : يابنت الأييييييه .. مدققه على كل شي .
أضحكت ألكادي : ههههههههههه لا عادي كان واضح .. بس الظاهر عمره كبير .. ومتزوج وعنده عيال .
أوراد : أكيد متزوج عيل بينطرج خخخخخخخ .. لاتعيشين بخيالاتج الرومانسيه .. لأن احنا اتفقنا وقلنا نون للحب .. عشان نرفع راس ابونا وماننزله .. داكووووور .
الكادي تطق كتف أوراد : صج سخيفة .. شرايج يعني بروح احبه على طول .. ماكو شغل .
أوراد تبتسم : ايه حسبالي بعد تعيشين بقصصج ورواياتج الرومانسيه السخيييييييفه .
الكادي عصبت : سخيفه انتي .
وفجأة اضحكت : خخخخخخخخخخخخخخهههههههههههههههههه هههههههههههه .
أوراد رافعه حاجبها : خير إن شاء الله ليش تضحكين
الكادي : اتخيلج وانتي تحبين .. داعيه عليه امه اللي يحبج .
أوراد تسوي نفسها تستفرغ : لاااااا وووييييييييع اعوذ بالله أنا احب .. نو وي .. الله لايقوله .
تموا البنات يسولفووووون ليما نعسوا وناموا .
***
بعد أسبووووووع
في المستشفى .. يوم بعد يوم حالة صوفيا تتدهور .. ويوميا كانوا البنات عندها مايخلون امهم بروحها .. أوراد والكادي ماقدروا يستحملون يشوفون امهم تتألم بصمت وتصارع من أجل الحياة .. خصوصا بعد مادرت الكادي عن مرض امها القاتل .
عبدالله لما يشوف بناته بهالحاله .. مايقدر يقعد معاهم .. يهرب من عواطف بناته الجياشة .. كان دايم يقعد عند الرسبشن بصمت وحزن .
,
,
,
بهاللحظة .. كان سامي توه بيدخل المستشفى لان يكمل كورسات علاج ساقه المصابه .. وقف عند الرسبشن .. تلفت من حوله وانتبه لشخص قاعد على الكراسي ومبين انه عربي .. دقق فيه سامي .. ليما رفع عبدالله راسه وتلاقت عيونه بعيون سامي اللي يطالعه .. أول ماشافه سامي عرفه على طول .. راح صوبه .. أما عبدالله استغرب من الشخص اللي قاعد يمشي صوبه .. وصل لعنده : شلونك عم عبدالله عساك بخير .؟
عبدالله وقف مقابل لسامي وعيونه ماراحت عنه : هلا يا ولدي .. أنا اعرفك ؟
سامي ربت على كتفه : شلون ماتعرفني ياعم عبدالله .. أنا سامي ولد صالح مرزوق .
تهلل وجه عبدالله : يا هلا بولدي سامي .. السموحه طال عمرك ماعرفتك .
سامي بأبتسامه : مسموح ياعم .. تفضل ليش واقف استريح ؟
عبدالله : شلونك ياولدي .. من زمان عنك .. من ... (( سكت عبدالله ماقدر يكمل ))
سامي عرف أن من وفاة أبوه الله يرحمه مابين وكان شبه منعزل عن العالم .. نظرا للعلاقة القوية بين سامي وابوه .
كمل سامي : أدري ياعمي .. من وفاة ابوي مابينت .
عبدالله : ايييييه الله يرحمه ويغمد روحه الجنه .. كان نعم الأخ والصديق .. ما انسا له جميله يوم كنت محتاج ماقصر علي وشغلني بشركته .. ماني عارف شلون ارد له جميله .
سامي انتبه لنقطه مهمه في حياة عبدالله : الله يسلمك .. بس ياعم عبدالله ليش تركت الشركه ؟
تغير وجه عبدالله وتوتر زياده : والله ياولد ظروف صارت لي واضطريت اني اترك الشركه .
احترم سامي رغبة عبدالله بعدم الاعتراف : على العموم ياعمي الشركه للحين موجوده .. والشركه وانا كلنا تحت امرك .. واهي محتاجه لموظفينها الاوفياء .(( وربت على كتفه ))
عبدالله ابتسم وبانت بعض التجاعيد : الله يسلمك .
سامي : عسا ماشر .. اشوفك اهني ؟
عبدالله بحزن : زوجتي مريضه .
سامي : الله يشفيها إن شاء الله .. وماتشوف الشر .
عبدالله : مايجيك الشر ياولدي .
سامي ياخذ عكازته ويسند عليها : انا بمشي الحين ياعم ..
طلع من مخباته كرت وكمل : هذا كرتي اذا محتاج أي شي مايردك الا لسانك .. انت بحسبة الوالد .
كبر سامي بعين عبدالله : الله يخليك ياولدي وماقصرت .
,
,
,
***
يا أمي ياغلا الدنيا ,,,
وأصدق عاطفة في الكون ,,,
وأدفى حضن يحضني
وأكبر قلب يحويني ..
انا بج دنيتي جنة ..
وبسماتج مطر ومزون ,,
وضحكاتج ربيع أخضر زهوره فتحت فيني ,,
اذا شفتج ,,
أرى الدنيا صباحن بالفرح مسكون
واذا غبتي ,,
عن عيوني يغيب النور عن عيني ,,
عشقتج والهوى طفلن رضع في خافقي المفتون
كبر هذا الطفل وأصبح غرامه يسكن سنيني
انا يا امي .. انا يا امي .. !!
ترا ما اوفيج مهما يكون ,,
جميلج دين في عمري وربي بج موصيني
ومهما عشت لج وافي بظل الوافي المديون ,,,
لانج روح في قلبي ودمن في شراييني
الى الله رافعن كفي دعاي ان مرضج يهون ,,,
عسى يشفيج لي ربي يا أمي يانظر عيني
لاني عايش بدونج وحيد بدنيتي مغبون ,,
بلا بسمه تعطرني ولاحظن يدفيني
،
(( عسالله يطول بأعمار امهاتنا ويرحم امهات المسلميين قولوا امين ))
،صحصحت الساعه 6 الصبح .. طالعت الجو وهي تتثاوب من الدريشه وكان الجو عجيييب .. غيوم حاجبة الشمس .. ونسيم بارد يلاعب الاشجار .. وأحتمال الجو ينقلب بأي لحظه .
رمت بجامتها بكسل .. ولمت شعرها فوق .. ونقعت جسمها بالبانيو المتروس شاور منعش لمدة ربع ساعه .. قررت تروح تزور امها .. لبست جينز وبلوزه باللون الأورنج على شخصيات كرتونيه واخذت معاها بالطو بني تحسبا لانقلاب الجو .. وبطلت شعرها وخلته سايح على اكتافها .. طالعت الكادي وكانت نايمه بعمق .. صكت الباب بهدوء ..
كتبت ملاحظه حق أبوها بورقة صغيره (( بونجور بابا .. انا عند ماما داكووووور .. أحبك .. أوراد )) .
ودخلت الغرفه بهدوء عشان ماتصحيه لانه نايم بسلاااااااام .. واتركتها على الكمدينو اللي بجنبه واطبعت بوسه على راسه .
مرت على كشك صغير يبيع معجنات كانت امهم دايم تشتري لهم من هالكشك .. واشترت لأمها فطيرتها المفضله .. فطيرة التفاح .. وخذت لها كرواسون بالجوكلت عشان يتفطرون مع بعض .. وانتظرت في محطة الباص .. بإنتظار الباص الثاني .. وبعد عشر دقايق وصل .
دخلت المستشفى وصدرها ضاق من المكان ..بكل غرفه مريض ينتظر شفائه او يحتضر ويترك أهله ..
... تمت تمشي بعيون كلها حزن .. والحزن الأكيد لما امها بتفارقها اهي وخواتها ..بس لازم تكابر جدامهم وماتبين انها منكسره .. عشان ابوها .. لان ابوها يستمد قوته منها .
وصلت لغرفة امها .. شافتها مستلقيه على السرير .. ولونها مخطوف .. معقوله اللي تشوفها هي نفسها امها .. لكن الواقع يقول هذي شبح امها .. ابتسمت رغم الدموع اللي تجمعت بعيونها بس مارضت تنزلهم .. رفعت راسها فوق .. وتقدمت بهدوء ..
أوراد وهي تبوس راس امها : صباح الخير ماما .. شلونج يالغاليه ؟
صوفيا تبتسم بضعف : أهلا حبيبتي .. الحمدلله ... كيف حال ابوك واخوتك ؟
أوراد : ماما كلهم بخير لاتحاتين .. اهم شي انتي .. نبيج تصيرين احسن عشان ترجعين لنا .
صوفيا تمسح على شعر بنتها : أوراد .. اريد ان اطلب منكي طلب واتكلم معك بموضوع فأنا انتظر الفرصه لتكوني وحدك .
أوراد تقعد على السرير بجانب امها : تفضلي ماما قولي ؟
امسكت ايد بنتها وتمت تضغط عليها بقوه : زهرتي الجميله .. عندما اتكلم لا اريد ان تحزني فتجعلينني حزينة .. بل أريد ان تصغي إليّ ولا تقاطعينني ..
حبيبتي .. لم يتبق لي الكثير .. على كثر ما اتمنى البقاء معكم .. على كثر ما اتوق إلى لقاء ربي ..
(أوراد ماقدرت تستحمل وانهملت دموعها ) : لو العمر يهدى والله اهديج عمري .. ماما مانقدر نعيش بدونج.
صوفيا وقلبها يتقطع على بنتها الكبيره اللي كانت دايم تمثل انها القويه : حبيبتي لاتقولين هذا الكلام .. فهذا قضاء الله وقدره والحمدلله على كل شي .. نحن مسلمون مؤمنين بالقضاء والقدر وسوف ألقاكم في الجنه إن شاء الله .. موعدي معكم الجنه بإذن الله .
كملت صوفيا واهي تمسح دموع بنتها بأيدي مرتجفه : انني اعتمد عليكي .. اوصيك بأخوتك .. كوني لهم الام الحنون .. اعلم انكي متحررة وغير مبالية .. اريد الوضع يتغير .. اريدكي ان تكوني مسئولة .. وان تساعدي اباك .. فـعبدالله لايستطيع ان يخطو خطوة من دون تشجيع ..
أوراد هزت راسها بالايجاب : ماما ماطلبتي شي ؟!!
صوفيا تحاول انها تقعد بس ماقدرت .. ساعدتها اوراد وسندتها .. وكملت : حبيبتي هل تعديني بعمل شي يريحني ويطمن قلبي ؟
أوراد ابتسمت : ولو يالغاليه .. لو تامرين بالقمر اييبه لج .
ابتسمت صوفيا : بعد موتي .. لن يبقى لكم شي هنا في باريس .. أريدك ان تساعدي اباك على الرجوع الى الكويت .. حيث اهله هناك .
اوراد عصبت : نون ماما .. شلون تبينا نرجع لمكان غريب بالنسبه لنا .. باريس اهيا اللي فيها اهلي وناسي .
صوفيا تكدرت : لماذا لاتريحينني ..
أوراد حست بضيق امها : ماما حبيبتي لاتتضايقيييييييين منيييييييي انا اسفه .. خلاص اسوي اللي تبين بس اهم شي لاتتضاااااااايقيييين مني بلييييييييز .
صوفيا : عديني حتى لا اتضايق .
امسكت ايد امها وباستها : داكور ماما .. اوعدج .. (( تبي تضيع السالفه ))
شوفي يالغاليه يبت لج فطيرتج المفضله .
صوفيا وارتاحت نسبيا من الكلام اللي سمعته من بنتها وابتسمت : بإعتقادي ان فطور اليوم سوف يكون لذيذ .