مأساة بشعة شهدتها منطقة الدقي في القاهرة، في لحظة تهور، وبعد 23 سنة زواجا، انهال طبيب بشري شهير طعنا بالسكين على زوجته المدرسة ثم أطلق النار عليها من مسدسه الخاص بسبب خلافاتهما التي استمرت عامين على ملكية شاليه في مدينة مارينا بالساحل الشمالي ثمنه نصف مليون جنيه، وعندما شاهدها تنزف بغزارة لم يصدق ارتكابه الجريمة أصدر الحكم على نفسه بالإعدام وأمسك بالمسدس ووضعه في فمه وأطلق رصاصة اخترقت رأسه وأطاحت بجمجمته ليلقى مصرعه على الفور !...
بينما تم نقل الزوجة إلى المستشفى في حالة سيئة، تبين أن الخلافات على الشقة تسببت في انفصال الطبيب عن زوجته في صمت منذ عامين، وأنها أقامت مع والدتها في الشقة المقابلة لشقة زوجها بينما فضل ولداهما الإقامة مع والدهما وان كانت علاقتهما بوالدتهما لم تنقطع، وكانا دائمي الانتقال بين الشقتين، كما أن هذه الخلافات دفعت الزوجة لإقامة دعوى طلاق أمام المحكمة وبعد أن نظرتها المحكمة قررت حجزها للحكم في الشهر المقبل، وخشي الطبيب أن تحصل زوجته على الطلاق وتصبح الشقة ملكها فشرع في قتلها وانتحر ليخسر كل شيء. تجمع الجيران على صوت الطلقات النارية وصراخ الابنة ليشاهدوا “زكية النحاس” مديرة مدرسة خاصة ملقاة على الأرض وتنزف بشدة من منطقة البطن وبجوارها ابنتها أميرة الطالبة بكلية الطب تبكي، أما شقيقها أحمد الطالب بكلية الهندسة فقد كان ممسكا بوالده الدكتور صفوت إبراهيم طبيب أمراض الباطنة الشهير، على الفور ساعد مالك العمارة الابن على إدخال والده إلى الشقة ثم أسرعوا بنقل الأم إلى المستشفى وعندما عاد ليطمئن على والده وجده وقد انتحر باطلاق النار على نفسه، أبلغ الجيران عن الحادث فانتقل فريق من نيابة حوادث الجيزة إلى مسرح الجريمة بالعقار رقم 3 شارع كافور في الدقي وبالمعاينة فعثروا على آثار دماء الزوجة بين مدخل شقة والدتها وشقة زوجها بينما تم العثور على جثة الزوج في مدخل شقته بجوار المطبخ مصابا بطلق في الرأس، أمرت النيابة بتشريح جثة الطبيب المنتحر وطلبت تحريات المباحث عن الحادث لمعرفة دوافع الجريمة. تبين أن الدكتور صفوت تزوج من زكية المدرسة منذ 23 عاما وكانت حياتهما هادئة وسعيدة ورزقهما الله بأحمد وأميرة، ومنذ 15 عاما جاءت للدكتور صفوت فرصة ذهبية للعمل بالكويت فسارع بقبولها ليس للحاجة الضرورية للمال وإنما ليوفر لأسرته المزيد من السعادة والاستقرار المادي. سافر صفوت تاركا زوجته وطفليهما معها على أمل أن يلحقوا به عندما يتدبر أمره بالكويت، لكن زوجته تراجعت عن فكرة السفر إلى زوجها لارتباطها بعملها لأنه عمل خاص إذا فقدته فمن الصعب الرجوع إليه، والسبب الآخر أن الطفلين كانا في مدرسة لغات ومثيلتها بالكويت باهظة المصروفات، عاش صفوت وحيدا في الغربة بعيدا عن أسرته وكان يرسل كل مدخراته لزوجته حتى تتصرف فيها كما تشاء وتشتري ما تريده فهو يثق بها بحسن تدبيرها، قامت زكية بتجديد الشقة واشترت سيارة جديدة كما اشترت “شاليه” بمارينا وصل ثمنه إلى نصف مليون جنيه، ولم يعترض صفوت على تصرفها فكان اعتقاده انه يعمل من أجل إسعاد أسرته ليس لحيازة بعض الأملاك فليس مهما عنده أن يكون عقد ملكية الشاليه باسمه أو باسم زوجته، عاد صفوت منذ 6 سنوات تقريبا بعد أن شعر بالاكتفاء المادي ولحاجة ولدية إليه حيث كانا قد وصلا إلى المرحلة الثانوية، كان أول شيء قام به هو تأسيس عيادة في منطقة المهندسين واهتم بعمله كما اهتم بولديه، فالتحق احمد بكلية الهندسة ثم أميرة بكلية الطب، لكن غربته أصابت علاقته بزوجته بحالة من الفتور وسرعان ما دبت بينهما المشاكل لأتفه الأسباب، ولأول مرة يعيد صفوت حساباته مع نفسه ويقف موقفا من علاقته بزوجته فطالبها بأن تنقل ملكية شاليه مارينا إليه حيث إن ثمن الشاليه كان من الأموال التي يرسلها إليها أثناء عمله في الكويت، لكنه فوجئ بموقف زوجته الغريب فقد رفضت أن تعيد إليه الشاليه وأكدت أنها أسهمت في دفع ثمنه وأن الشقة من حقها فاشتعلت المشاكل بينهما ووصلت إلى حد القطيعة، كل ذلك وولداهما حائران بينهما غير قادرين على التوفيق بينهما، تطورت الخلافات سريعا لتصل إلى حد الانفصال وتترك الزوجة شقة الزوجية وتنتقل للإقامة بشقة والدتها المقابلة بينما أحمد وأميرة يبقيان مع والدهما، وظل الحال كما هو عليه بين شد وجذب ويتدخل الأهل والأصدقاء لتضييق حجم الخلافات بين الزوجين لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وزاد الأمر سوءا عندما أقامت الزوجة منذ عدة أشهر دعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية تطلب فيها الطلاق، صمم الزوج على استعادة الشاليه خاصة أن القضية تم حجزها للحكم، وفي يوم الحادث انتظر الطبيب في شقته حتى شاهد زوجته المجني عليها خارجة من شقتها متوجهة إلى عملها وبدأ العتاب بينهما على الخلاف القديم على شقة مارينا وتطور العتاب إلى مشاجرة علت فيها أصواتهما ففكر الطبيب في إنهاء المشادة فأخرج مسدسه وهددها بالقتل إن لم تتنازل له عن الشاليه، لكنها لم تبال بتهديده وحاولت النزول على السلم فأطلق رصاصة من مسدسه استقرت في جانبها الأيسر ثم أسرع بإخراج سكين المطبخ التي كان يضعها في جيبه وطعنها ثلاث طعنات بالظهر ثم عاد إلى شقته وأطلق على نفسه رصاصة اخترقت فمه وخرجت من رقبته ليموت على الفور لاعتقاده أن زوجته فارقت الحياة.
استمعت النيابة إلى أقوال ولدي القتيل والمجني عليها وشهود العيان، وقالت أميرة صفوت الطالبة بكلية الطب إنها فشلت هي وشقيقها في الإصلاح بين والديهما بسبب عنادهما، وفي يوم الحادث كانت داخل الحمام تستعد للذهاب إلى الجامعة، وفجأة سمعت صوت طلق ناري فأسرعت إلى الخارج فوجدت والدتها ملقاة على الأرض في الطرقة بين الشقتين وغارقة في دمائها بينما كان والدها ينهال عليها طعنا بالسكين فأخذت تصرخ حتى حضر شقيقها وأحد الجيران، وأكد شقيقها “أحمد” الطالب بكلية الهندسة أقوالها بأنه استيقظ على صرخات الاستغاثة من شقيقته فأسرع ليجد والده في حالة هياج عصبي وينهال طعنا على والدته ولأنه كان نحيل الجسد فقد تمكن من حمله إلى داخل الشقة لكنه ظل يقاومه حتى حضر جارهم محمد عبد العال الذي يسكن بالطابق العلوي واعتقد انه يتشاجر مع والده، فقام بإبعاده عنه ثم توجه لنقل والدته إلى المستشفى وعندما عاد وجد والده جثة هامدة، وأكد مالك العمارة أقوال أحمد وأميرة وأضاف أن الدكتور صفوت إنسان مسالم وهادئ الطباع وعطوف لدرجة كبيرة، كذلك زوجته إنسانة محترمة ولم يتخيل يوما أن تصل العلاقة بينهما إلى حد القتل، وأكد الطبيب المعالج للزوجة المجني عليها أنها وصلت إلى المستشفى في حالة صحية سيئة وبتوقيع الكشف عليها تبين أنها مصابة بطلق ناري بالجانب الأيسر أدى إلى تهتك القولون وأجريت لها عملية جراحية كما أن بها ثلاث طعنات بالظهر اثنتان غائرتان وواحدة سطحية، وتم وضعها تحت الملاحظة بغرفة العناية المركزة، صرحت النيابة بدفن الجثة ومتابعة حالة الزوجة.
منقوول لعيونكم