نشأ “سمير” وسط أسرة مفككة فظهرت عليه علامات العنف مبكرا وفور أن اشتد عوده بدأ هروبه المتكرر من المدرسة بحثا عن مجموعة من الصبية يقضي معهم ساعات الدوام وفي الوقت المحدد للخروج من المدرسة يعود إلى منزله...
[/c]في إحدى المرات شاهد سمير طفلا من أطفال الشوارع ينفق ببذخ فسأله عن مصدر ذلك وعرف أنه يعمل ماسحا للأحذية.
واستطاع سمير أن يجمع مبلغا من المال وقام بشراء صندوق لزوم الانضمام إلى قافلة ماسحي الأحذية ثم انطلق إلى الشارع ليعود في نهاية اليوم وجيوبه عامرة بالجنيهات.
وبعد أيام اكتشفت أسرته الأمر فحاولت إثناءه عن هذا العمل إلا أنه رفض العودة إلى المدرسة، وحتى لا يتعرض لضغوط أسرته قرر أن يهجر المنزل دون عودة.
اتخذ سمير من الشارع مقرا له ومن الصبية الضالين أسرة جديدة له فارتبط بهم ارتباطا قويا واستدعى ذلك محاكاتهم في جميع تصرفاتهم وسلوكهم وصار يومه يبدأ بالانطلاق تجاه المقاهي ودور السينما ومحطات السكك الحديدية لمسح الأحذية وفي نهاية اليوم تجتمع الشلة في أحد الأماكن التي يتم الاتفاق عليها مسبقا.
وبدأ يتعرف الى السيجارة وتدريجيا انزلق نحو لعب القمار وأصبح سعيدا بهذا الأمر الذي أشبع رغبته في شعوره بالرجولة واستمر الحال بين تحقيق مكسب وخسارة وفي النهاية كانت الغلبة للخسارة، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد إلى ما هو أسوأ بعد أن عرف طريق شم “الكُلة” والبنزين وبعض المواد الكيماوية وبذلك اصبح يحتاج إلى النوم ساعات أطول، ونتيجة لذلك تعرض لحادث كاد يودي بحياته أثناء نومه في أحد الشوارع.. فعند عودة سيارة إلى الخلف كادت تفرم إحدى قدميه وبعد تعرضه لهذا الحادث قرر سمير تغيير مسار حياته فاتجه للعمل في أحد مواقف السيارات بغرض تنظيفها وغسلها والحصول على عائد ربما يصل إلى ثلاثة أضعاف ما كان يحصل عليه من عمله في مسح الأحذية وعندئذ أدارت له الحياة وجهها بعد أن اتفق مع صاحب مقهى في نفس موقع موقف السيارات على أن تكون المقهى له مأوى في المساء في مقابل قيامه بتنظيفها في نهاية الليل واستقام سمير بعض الشيء إلا انه سرعان ما عاد إلى سابق عهده.
وفي هذه الأثناء التقى سمير مصادفة مع والده أثناء استقلاله إحدى السيارات من نفس الموقف الذي يعمل به سمير فقفز مسرعا على الفور وامسك بتلابيبه واقتاده إلى المنزل وحبسه داخل حجرة مغلقة عدة أيام أملا في أن يعود إلى صوابه ورشده، إلا أن سمير استغل فرصة انشغال أسرته واستطاع أن يفك قيده ويهرب من محبسه وينطلق إلى مكان بعيد عن أعين أسرته للعمل أيضا في تنظيف السيارات التي تدر عليه ربحا وفيرا وهناك أقام لنفسه مأوى بجوار مقلب القمامة وفي أحد الأيام شاهد طفلا شاردا يسير بلا هدف فاقترب منه وسأله عن أحواله ووجهته فأجابه بأنه فر هاربا من جحيم أسرته بعد انفصال والده عن والدته وزواج كل منهما مرة أخرى عندئذ عرض عليه أن يقيم معه ووعده بأن يعمل معه في الصباح في موقف السيارات على اعتبار أنها مهنة بسيطة ولا تحتاج إلا لفوطة وزجاجة مياه فقط، وبدأ “صلاح” عمله وطلب منه “سمير” أن يعطيه كل ما يكسبه أولا بأول واستمرت الأمور هكذا وبدأ سمير يمارس دور الزعيم على الطفل المسكين وأشبع ذلك حب السيطرة والزعامة التي اشتهاها كثيرا نتيجة مشاهدته لأفلام الرعب.
اصبح صلاح طفلا مطيعا ينفذ تعليمات سمير بكل دقة ولم يكن يتوانى عن إخراج ما في جيبه يوميا لينفقه سمير فيما يريد، وفي أحد الأيام عثرت الأم على طفلها صلاح ونجحت في أن تسترضيه كي يعود إلى أحضانها، وأعادته إلى المدرسة.
أصيب سمير بصدمة شديدة نتيجة فراق صلاح الذي كان يمده بالأموال وأثناء عودته من المدرسة ذات يوم طلب منه سمير أن يتوجه معه إلى مكان إقامته ليشاركه طعام الغداء فذهب معه صلاح دون أن يشعر بأن نهايته سوف تكون في هذا المكان، وبعد أن تناولا طعام الغداء بدأ سمير يشم كميات كبيرة من “الكُلة” حتى وصل إلى درجة الترنح وفقدانه للوعي، وبدأ يهذي بكلمات غير مفهومة وحاول الاعتداء على الطفل ولكنه صرخ في وجهه بشدة ولطمه على وجهه فرد عليه بعنف وظل يضربه بشدة وطلب منه أن يخرج ما في جيبه فرد عليه بأنه سوف يعطي ما في حوزته لأمه كي تشتري له ملابس، حاول سمير أن يهدد المسكين فالتقط زجاجة فارغة ثم حاول تهديد الطفل إلا انه لم يعبأ بما حدث فوجه إليه عدة طعنات ساعتها ارتفع صراخه بأعلى صوته فخشي أن يفتضح أمره فوجه إليه المزيد من الطعنات حتى يخرس صوته وفجأة تكوم الطفل في مكانه وسقط فأحضر سمير قطعة قماش ولفها حول رقبة صلاح وظل يضغط بكل عنف حتى تأكد أن الطفل فارق الحياة. وفر سمير هاربا ولم يترك خلفه سوى بطانية قديمة كان سرقها من قسم الشرطة أثناء احتجازه على ذمة قضية سرقة، وبعد أن عثرت الشرطة على جثة الطفل كانت البطانية هي الخيط الذي قاد إلى المتهم وأوقعه في قبضة رجال الشرطة.
منقــول