غادرت سعاد بيت عمر رغم أنفها وهي ثيب بعدما دخلته قبل شهرين بكراً.. وربما قد تكون حاملاً منه، لتجد نفسها فجأة في الشارع تائهة لا تدري ما تفعل!...
بعدما لحقها الكثير من الأذى على يد عمر الذي حول حياتها بعدما قضى وطره منها إلى جحيم، حيث وجدت نفسها بفعل الضغط الذي ظلّ مطبقاً على نفسيتها تقرر التوجه إلى مصالح الأمن لتقديم شكاية في الموضوع.
كانت كلماتها في البداية لا تُفهم من شدة الخجل من الحديث في الموضوع الذي جاءت تبلغ عنه، وبالكاد استطاع الضابط أن يتبين مضمون شكايتها، ليقرر على إثر ذلك تسجيل محضر بأقوالها وكل المعلومات التي يمكن أن تفيد في النازلة.
تحدثت سعاد عن لقائها الأول بعمر في لحظة عابرة، حيث توطدت بينهما العلاقة أكثر بعد أن انتقلت للعيش معه في منزل والدته لمدة شهرين، واستعادت مع ذلك شريط ذكرياتها الحزينة ومعاناتها كخادمة وصور العنف والإرهاق والأوامر في بيت مشغلتها التي طردتها، قبل أن تجد من يصطادها ويغرر بها ويلقي بها في الشارع بعدما عبث بشرفها، الذي ظلّت تحافظ عليه طيلة سنوات، في انتظار عريس يتزوّج منها وتصبح كغيرها من النساء لها بيت وأطفال.
كغيرها من البنات اللواتي يزددن في أوساط اجتماعية فقيرة، يسعى أفراد أسرها لمضاعفة مداخيلهم عن طريق تشغيل بناتهم كخادمات في البيوت، وجدت “سعاد” نفسها خادمة في البيوت، فمنذ أن كانت طفلة ودعت حياة الطفولة، ولبست جلباب الخادمة، متنقلة من بيت إلى بيت، حيث كانت كل مرة تُطرد بسبب الاتهامات الملفقة من البيوت، أو تغادرها هرباً من العنف والإرهاق والتحرش الجنسي.
واستمرت في تنقلها بين البيوت معينة أسرتها بمدخول شهري زهيد، لكن رغم صبرها وجدت نفسها مرة أخرى في الشارع، بعدما طردتها مشغلتها، حاملة حقيبة فيها ملابسها، وراحت تقطع الطريق الرئيسي المحاذي للفيلات الفاخرة، كان عقلها منشغلاً بما عانته طيلة السنوات التي قضتها تحت رحمة المشغلات.
ومن دون أن تشعر بما حولها، كان “عمر” يحث الخطى خلفها مباشرة، مقتفياً طريقها ومتتبعاً مشيتها، بعد أن حرّكت في دواخله غريزته الجنسية، وترسّخت في ذهنه فكرة ملاحقتها ومحاولة التقرب إليها، وبخطى الذئب المتربص بفريسة، دنا منها أكثر وعلى مسافة اليد أطلق العنان لقريحته، ليعرب لها عن تعلّق قلبه بها وعشقها من أول نظرة، حيث استمر في الهمس بكلمات الإعجاب التي خلّفت في مسامعها بعض الصدى وأصابت الوتر الحساس لديها.
تجاوبت معه وكشفت له عن مصيرها المجهول بعدما تعرضت للطرد من بيت مشغلتها، كل هذا زاد من رغبة عمر لمواصلة الطريق برفقتها حتى يتمكن من استمالتها نحوه، خصوصاً انها تعاني من حالة التيه والضياع وليس لها أي أحد من أقربائها في المدينة يمكن أن يستضيفها، وأثناء حديثهما عرض عليها مرافقته إلى البيت إذا لم يكن لديها أي مانع لتقضي معه بضعة أيام ريثما يعثر لها على عمل آخر، وكسمكة ألقت بها أمواج البحر في البر خفق قلبها خفقاناً شديداً واعتقدت أنها صادفت ابن الحلال الذي سيساعدها في محنتها من دون أن تدفع الثمن.
تمسكت “سعاد” بالخيط الأول الذي نسجه حولها عمر ببراعته في الكلام وغسل الدماغ، فرافقته إلى منزله حيث تلقت ترحاباً كبيراً من والدته، بناء على رغبة “عمر” من دون أن تضع في حسبانها إمكانية تحول هذا المطلب إلى مأساة حقيقية.
وزاد من طمأنينتها تفهم والدة “عمر” لكل شيء، وأصبحت تعاملها كواحدة من الأسرة، وهذا جعل “سعاد” تشعر بأنها بين أحضان أسرتها الجديدة. ومع مرور الأيام بدأت أحلامها تكبر بعدما تقلصت المسافة بينها وبين “عمر” رويداً رويداً، وبعد أن أحسّ بميلها تجاهه ظلّ “عمر” يترصد الفرصة المواتية لتحقيق رغباته التي خطط لها منذ البداية.
أصبحت مفاتن “سعاد” تثير شهوة “عمر” كل يوم، فقرّر في ليلة من الليالي تتويج مخططه بالنهاية التي تمناها ومثّل من أجلها دور المحب الولهان، خاصم النوم جفونه في تلك الليلة، وظل ينتظر إلى أن اطمأن إلى خلود والدته للنوم، فقام من سريره متخفياً بظلمة الليل وتسلل إلى غرفة سعاد، ونام إلى جانبها في السرير، وضع يده على جسدها الغض، مما جعلها تستيقظ على أنفاسه المتسارعة ولمساته الجريئة.
همت بالصراخ لكنه بادر إلى وأد صوتها بوضع يده على فمها، وشرع في إقناعها بحبه لها ورغبته في الزواج منها والعيش معها إلى الأبد، وهذا ما دفعه إلى الاندفاع نحوها.. كانت هذه هي رغبتها، لذلك تجاوبت معه وفتحت له المجال لتنفيذ رغبته.
كانت هذه الليلة بداية ليالٍ أخرى قضتها في حضنه كعروسين في شهر العسل، كانت تستجيب له بدافع الأمل في أن تصبح زوجته، أما هو فقد وجد فيها ضالته التي تلبي رغبته المتوحشة.
دامت العلاقة بينهما مدة شهرين كاملين، وكانت دائماً تطالبه بتنفيذ وعده بعقد القران عليها، غير انه كان يقنعها بأنه ينتظر انفراجاً في أحواله قبل الإقدام على تحقيق وعده، ولم يكن بيدها سوى الانتظار.. لكن حدث ما لم يكن في حسبانها. وبعدما فطنت والدة “عمر” إليهما، أصبحت تطالبه بأن يطردها من البيت، حيث لم يكن بيد “عمر” سوى اتباع أوامر والدته التي تعيله هو الآخر، حيث تغيّرت معاملته لها وانقلب الشاب المضياف إلى شخص صعب المزاج وكثير التذمر، فأكثر من الصراخ في وجهها وأسفه على استقبالها في بيته.
ورغم هذه التصرفات تحملت كثيراً، لكنها في النهاية استسلمت لقدرها في صمت رغم البركان الذي كان يغلي في دواخلها بعد أن أدركت وقوعها في الخديعة وعزم “عمر” على التخلص منها.
غادرت البيت، لكنها لم تهضم تمثيل “عمر”، وفي أوج الحقد الذي تكنّه له توجهت إلى المصالح الأمنية التي اعتقلته، حاول “عمر” الإنكار وتجاهل الموضوع، لكن الأوصاف المدققة التي أعطتها حول البيت ووالدته التي أقرّت باستضافتها في البيت كانت كافية لإحكام طوق التهمة على “عمر”، لينتهي به الأمر إلى الاعتراف بكل ما فعله وليُقدم إلى العدالة بتهمة التغرير بفتاة، وهي التهمة التي أودعته السجن.
منقــول